كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

ومسلم عن أنس رضي الله عنهما: «فمن - من - رغب عن سنتي فليس مني» (¬1) وقال فيما أخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» (¬2) وقد نبه الرسول صلى الله عليه وسلم على من يحاول رد السنة ورفضها بدعوى الاكتفاء بالقرآن. وذلك فيما أخرجه أحمد وأبو داود - واللفظ له - والترمذي - وصححه وحسنه - عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه» (¬3) .
وأخرج أبو داود عن المقدام بن معد يكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شعبان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السبع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه، فله أن يعقبهم بمثل قراه» (¬4) .
قال الخاطبي:
" هذا الحديث يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه - صلى الله عليه وسلم - أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أوتي من الظاهر المتلو.
¬_________
(¬1) صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، 7 / 2.
(¬2) سبق تخريجه. ص70.
(¬3) سنن أبي داود. كتاب السنة، باب في لزوم السنة، 5 / 12. والترمذي، كتاب العلم، باب ما نهى أن يقال عند حيث النبي صلى الله عليه وسلم 4 / 144، والمسند 6 / 8.
(¬4) سنن أبي داود، كتاب باب لزوم السنة، 5 / 10- 12، الحديث إسناده صحيح. انظر: المشكاة، 1 / 57 - 58.

الصفحة 118