كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

هذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، إذ ظهرت في الأمة طوائف تنكر السنة كلها أو بعضها بدعوى الاستغناء عنها بالقرآن وكان من أوائلهم الخوارج والروافض والمعتزلة حيث أثر عن هذه الطوائف إنكار لبعض الأحكام التي وردت في السنة.
وقد وجدت منهم عناصر في زمن الإمام الشافعي وناظر بعضهم (¬1) وتوالى ظهور من يدعو إلى مثل هذه الأفكار على مر التاريخ حتى عصرنا الحاضر، إذ وجدت فرقة تسمت باسم (القرآنيين) ، قد ظهرت في الهند والباكتسان، وسرت عدواها إلى مصر وغيرها من البلاد العربية.
وتذهب هذه الفرقة إلى إنكار السنة وحجيتها بدعوى الاكتفاء بالقرآن، واخترعوا دينا جديدا لا مرجع فيه إلى السنة. وإنما اعتمدوا على القرآن بزعمهم، مدعين أن القرآن وحده كاف لإقامة الحياة الإسلامية وليست هناك حاجة إلى السنة.
وبناء عل ذلك تأولوا- بأهوائهم- آيات القرآن بما يجعله شاملا للأحكام بتفاصيلها، وراحوا يلتمسون من الشبهات ما يقوي بنيانهم، ولو أننا استغنينا عن السنة لانهدم الدين من أساسه ولانفتح باب الزندقة على مصراعيه. وليس المقام هنا مقام الرد على هؤلاء الزنادقة ودحض شبهاتهم فقد اكتفيت فيه برد غيري (¬2) .
وقد جاءت الآثار عن الصحابة والتابعين بالتحذير منهم، فأخرج الدارمي بسنده عن عمر رضي الله عنه قال: «إنه سيأتي ناس يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله» (¬3)
¬_________
(¬1) انظر: كتاب جماع العلم ضمن كتاب الأم للإمام الشافعي، ط2، نشر دار المعرفة، بيروت، 1393هـ، 7 / 271 وما بعدها.
(¬2) انظر في عرض آراء هذه الفرقة وشبهاتها والرد عليها.
رسالة: فرقة أهل القرآن بباكستان وموقف الإسلام منها.
رسالة ماجستير مقدمة من الباحث خادم إلهي حسين بخش إلى جامعة أم القرى، 1401 هـ.
(¬3) سنن الدارمي، 1 / 49.

الصفحة 120