كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

وأخرج الآجري بسنده عن سعيد بن جبير أنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فقال رجل: (إن الله قال في كتابه كذا وكذا، فقال: لا أراك تعارض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب الله عز وجل، رسول الله أعلم بكتاب الله عز وجل سبحانه وتعالى) (¬1) .
وأخرج ابن عبد البر بسنده عن أيوب السختياني أن رجلا قال لمطرف ابن عبد الله بن الشخير: (لا تحدثونا إلا بالقرآن. فقال له مطرف: والله ما نريد بالقرآن بدلا ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا) يريد بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬2) .
بقي أن أنبه إلى أمر مهم جدا تغافل عنه أكثر المسلمين اليوم ألا وهو مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته من الدين، فأكثر المسلمين اليوم على أن اتباع السنة وتطبيقها أمر اختياري من باب المستحبات لا الواجبات، والسبب الأكبر في ذلك غلبة الجهل بالسنة ومكانتها من الدين، وسكوت العلماء والدعاة- إلا من رحم الله- عن نشر السنة وتقريبها إلى الناس، هذا مع غلبة التعصب المذهبي على أكثرهم مما حال بينهم وبين البحث عن الهدي النبوي الشريف.
لأجل هذا صارت السنة في أكثر البقاع مهجورة وغريبة وأغرب منها من يستمسك بها ويدعو إليها.
هذا مع ادعاء الأكثرية أنهم مازالوا على الصراط المستقيم، وأنهم مطيعون متبعون، وكأن الاتباع يثبت بمجرد الدعوى دون أدلة وشواهد حقيقية وواقعية. ورغم كل هذا فلا تزال طائفة من هذه الأمة في كل بلد قائمة بالسنة داعية إليها صابرة على ما تلاقي من ألوان الأذى والصد عن سبيل الله.
¬_________
(¬1) كتاب الشريعة للإمام أبي بكر محمد بن الحسين الآجري، تحقيق محمد حامد الفقي، نشر. حديث أكاديمي، فيصل آباد، باكستان، ص51.
(¬2) جامع بيان الحلم وفضله وما يبغي في روايته وحمله للإمام أبي عمر يوسف بن عبد البر. المكتبة العلمية، المدينة المنورة، 2 / 191.

الصفحة 121