كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

الله صلى الله عليه وسلم ولم يؤمنوا به مع علمهم بأنه هو النبي الخاتم والمبشر به من قبل أنبيائهم، إلا أن فيها تحذيرا لعلماء هذه الأمة من أن يسلكوا مسلك أهل الكتاب في كتمان العلم فيصيبهم ما أصابهم. فعلى العلماء أن يبذلوا ما بأيديهم من العلم النافع الدال على العمل الصالح ولا يكتموا منه شيئا (¬1) .
كما ورد في السنة الحث على تبليغ العلم في أحاديث كثيرة منها ما أخرجه البخاري بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» (¬2) وأخرج الترمذي بسنده عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع» (¬3) وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم (¬4) " انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولتفشوا العلم، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا (¬5) والأحاديث والآثار في هذا الباب كثيرة وكلها تؤكد وجوب تبليغ السنة ونشرها في كل عصر ومصر. ويتحتم هذا الأمر في حالة الجهل بالسنة
¬_________
(¬1) انظر، تفسير ابن كثير، 1 / 437.
(¬2) البخاري. كتاب أحاديث الأنبياء. باب ما ذكر عن بني إسرائيل 4 / 207.
(¬3) سنن الترمذي. كتاب الحلم، باب في الحث على تبليغ السماع 4 / 142، وأخرجه أحمد في مسنده 1 / 437، وابن ماجه في المقدمة، باب من بلغ علما 1 / 85.
والحديث متواترا رواه أربعة وعشرون صحابيا.
انظر: دراسة حديث " نضر الله امرأ سمع مقالتي) رواية ودراية. تأليف عبد المحسن العباد، ط1، المدينة المنورة، 1401 هـ.
(¬4) هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. تابعي فقيه، استحمله عمر بن عبد العزيز على إمرة المدينة وقضائها، ولهذا كتب إليه.
انظر فتح الباري، 1 / 194.
(¬5) ورده البخاري في كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم، 1 / 35.

الصفحة 126