كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

أو الإعراض عنها وهجرانها كما هو الحال في هذا الزمان الذي عم فيه الهجران للسنة وتعاليم الدين كافة بلاد المسلمين إلا قليلا ممن هداهم الله ووفقهم للتمسك بالسنة والصبر عليها.
والسبب في ذلك قلة الاهتمام بالعلم الشرعي، وتقصير أهل العلم في القيام بواجبهم في تبليغ هذا الدين على الوجه المطلوب، هذا مع غلبة التعصب المذهبي والتقليد الأعمى على أكثر الناس، مما جعل بين المسلمين وبين هدى نبيهم جفاء وبعدا- إلا من رحم الله. فيجب على كل مسلم يحب الله ورسوله أن يقوم بواجبه في تبليغ هذا الدين حسب علمه واستطاعته، صابرا في سبيل ذلك على ما يلاقي في جنب الله من أذى. متأسيا في ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الذين وقفوا حياتهم لتبليغ هذا الدين، باذلين في سبيل ذلك النفس والنفيس. فرضي الله عنهم وعمن سار على نهجهم إلى يوم الدين. وهذا هو مظهر الاتباع والحب الحقيقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال البيهقي:
" وإذا لزم اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سن، وكان لزوم فرضا باقيا، ولا سبيل إلى اتباع سنته إلا بعد معرفتها، ولا سبيل لنا إلى معرفتها إلا بقبول خبر الصادق عنه لزم قبوله صلى الله عليه وسلم متابعته، ولذلك أمر بتعليمها والدعاء إليها، وبالله التوفيق " (¬1) .
ثانيا: تحكيم السنة والتحاكم إليها: إن مما يؤكد صدق الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحكيم سنته والتحاكم إليها وجعلها الميزان الذي توزن به الأقوال والأفعال والأحكام فما وافقها قبل وما خالفها رد وإن قاله من قاله. وقد وردت آيات كثيرة تؤكد هذا الأمر منها قوله تعالى:
¬_________
(¬1) الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد للإمام أبي بكر البيهقي، تصحيح كمال يوسف الحوت، ط 1، عالم الكتب، بيروت، 1403 هـ، ص 154.

الصفحة 127