كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

قال: وأن أخذ من النبوة والنباوة وهي الارتفاع عن الأرض- أي أنه شرف على سائر الخلق- فأصله غير الهمز) (¬1) . وعلى ذلك فالنبوة في الأصل مشتقة من النبأ وأصلها الهمز لكن لما كثر استعمالها خفف بإسقاط الهمز، أما اشتقاقه من النبوة والنباوة فهو ضعيف من ناحية اللغة.
قال ابن تيمية:
(وهو " أي لفظ النبي " من النبأ، وأصله الهمزة وقد قريء به، وهي قراءة نافع يقرأ النبيء، لكن لما كثر استعماله لينت همزته كما فعل مثل ذلك في الذرية، وفي البرية، وقد قيل هو من النبوة، وهي العلو فمعنى النبي المعلى الرفيع المنزلة، والتحقيق أن هذا المعنى داخل في الأول فمن أنبأه الله وجعله منبئا عنه، فلا يكون إلا رفيع القدر عليا، وأما لفظ العلو والرفعة فلا يدل على خصوص النبوة إذ كان هذا يوصف به من ليس بنبي، بل يوصف بأنه الأعلى كما قال تعالى: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} [آل عمران: 139] (¬2) .
وقراءة الهمزة قاطعة بأنه مهموز. . . . وأيضا فإن تصريفه أنبأ ونبأ ينبئ وينبئ بالهمزة، ولم يستعمل فيه نبا ينبو، وإنما يقال هذا ينبو عنه، والماء ينبو عن القدم إذا كان يجفو عنها، ويقال النبوة، وفي فلان نبوة عنا أي مجانبة. فيجب القطع بأن النبي مأخوذ من الإنباء لا من النبوة) (¬3) .
الرسالة: الرسول في اللغة مأخوذ من الإرسال بمعنى التوجيه، أو من الرسل بمعنى التتابع أخذا من قولهم: رسل اللبن إذا تتابع دره.
¬_________
(¬1) لسان العرب، جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأنصاري، ط دار صادر بيروت، مادة نبأ، 1 / 162- 163.
(¬2) سورة آل عمران، (139) .
(¬3) النبوات، لابن تيمية، طبع دار الكتب العلمية، بيروت، 1985، ص336 - 337.

الصفحة 14