كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

{لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171] (¬1) وفي الحديث: «إياكم والغلو في الدين» (¬2) أي التشدد فيه ومجاوزة الحد.
. . . ومنه الحديث: «وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه» (¬3) إنما قال ذلك لأن من آدابه وأخلاقه التي أمر بها القصد في الأمور، «وخير الأمور أوساطها» (¬4) وعلى ذلك فالمادة تدور في اللغة حول مجاوزة الحد أيا كان نوعه. فإذا نظرنا إلى معنى الغلو في الشرع فسنجده موافقا للمعنى اللغوي إذ يطلق الغلو في الشرع على مجاوزة حدود الشريعة عملا أو اعتقادا.
وقد وردت مادة الغلو والنهي عنه مرتين في القرآن الكريم، قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: 171] (¬5) وقال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: 77] (¬6) قال القرطبي في تفسير الآية الأولى:
¬_________
(¬1) سورة النساء، آية (171) ، والمائدة، آية (77) .
(¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المناسك، باب قدر حص الرمي 2 / 1008 وسيأتي تخريجه.
(¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب. باب في تنزيل الناس منازلهم، 5 / 174، والحديث حسن. انظر صحيح الترغيب والترهيب للألباني، ط 2، المكتب الإسلامي، بيروت) 1460 هـ 1 / 660.
(¬4) لسان العرب، 5 / 132، مادة غلا.
وانظر: مقاييس اللغة 4 / 387- 388.
(¬5) سورة النساء، آية (171) .
(¬6) سورة المائدة، آية (77) .

الصفحة 142