كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

وقد كان النصارى أكثر غلوا من اليهود، ذلك أن الذين قالوا أن عزيرا ابن الله هم قلة من اليهود على خلاف بين المفسرين في ذلك (¬1) .
بينما كان غالبية النصارى يعتقدون أن المسيح ابن الله أو أنه الله على اختلاف مذاهبهم في هذا الاعتقاد وقد رد القرآن عليهم وفند شبههم ثم نهاهم عن الغلو في عيسى عليه السلام.
وفي نهي الله في القرآن لأهل الكتاب عن الغلو تحذير لنا نحن المسلمين عن أن نسلك مسالكهم في الغلو في الأنبياء والصالحين فيصيبنا ما أصابهم وقد نبه الرسول صلى الله عليه وسلم حين نهى أمته عن إطرائه والمبالغة في مدحه بأن هذا شبيه لفعل النصارى في غلوهم في عيسى عليه السلام.
فقال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري بسنده عن عمر رضي الله عنه قال: «لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله» (¬2) ومع وضوح هذا التحذير إلا أن طوائف من هذه الأمة وقعت في الإطراء والغلو الذي نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه فصاروا بذلك مشابهين للنصارى ومتبعين سننهم.
وهذا ما سيتضح لنا في المباحث القادمة. إن شاء الله.
¬_________
(¬1) انظر: تفسير ابن جرير. تحقيق محمود محمد شاكر، 14 / 201- 202.
(¬2) صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: واذكر في الكتاب مريم 4 / 204.

الصفحة 157