كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

يقول ابن عربي:
" فكل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي ما منهم من أحد يأخذ إلا من مشكاة خاتم النبيين، وإن تأخر وجود طينته فإنه بحقيقته موجود، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين! (¬1) . وغيره من الأنبياء ما كان نبيا إلا حين بعث " (¬2) . وبذلك تكون الحقيقة المحمدية مشابهة للقطب أو الإمام المعصوم لدى الشيعة الإسماعيلية الذي يتجلى في كل زمان في صورة قطب ذلك الزمان (¬3) . هذا هو مقصود ابن عربي ومن أتى بعده بالحقيقة المحمدية.
وقد تأثر ابن عربي بمن سبقه من المتصوفة لاسيما الحلاج في قوله بقدم النور المحمدي، كما أنه استفاد من كل ما سبقه من فلسفات يونانية وهندية، ومصرية وعقائد يهودية ونصرانية. كما كان لعقائد الشيعة والباطنية وتأويلاتهم لنصوص الشرع، وآرائهم الهدامة نصيب كبير في فكر ابن عربي. كما سبق أن بينا ذلك ولكن ابن عربي حاول أن يصبغ مذهبه في الحقيقة المحمدية بصبغة إسلامية باحثا له عن أسس يعتمد عليها. من تأويل لآيات القرآن ونصوص الحديث، ومن أكثر ما يستدل به الأحاديث الواردة في قدم ذات النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث: مثل حديث: " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين " ويروى: " كنت نبيا ولا آدم ولا ماء ولا طين " (¬4) ومنها حديث كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث فبدأ بي قبلهم " (¬5) . ومنها حديث النور المنسوب إلى مصنف عبد الرزاق عن جابر بن
¬_________
(¬1) هذا حديث باطل لا أصل له وسيأتي مزيد كلام عليه.
(¬2) الفصوص، 63 - 64.
(¬3) انظر: نظريات الإسلاميين في الكلمة، ص 58.
(¬4) هذا حديث لا أصل له كما بينه ابن تيمية.
انظر: الرد على البكري، ص 9، ومجموع الفتاوى 2 / 238.
(¬5) هذا الحديث منكر الإسناد والمتن معا.
انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني، 2 / 115. ورسالة النور المحمدي، تأليف عداب محمود الحمش، 23- 26.

الصفحة 182