كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

ما هو مقصد ابن عربي من الغلو في الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ لا شك أن ابن عربي قد خرج من الإسلام إلى كفر أشنع من كفر اليهود والنصارى وسائر الكفرة والمشركين بآرائه في وحدة الوجود وما تفرع عنها كالحقيقة المحمدية وغيرها من توابع مذهبه.
ولما كان ابن عربي قد جمع فنونا كثيرة من العلوم والمعارف والفلسفات والأديان الموجودة في عصره، مع خبث ودهاء وزندقة، أراد أن يتخذ من الغلو في الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذريعة لادعائه النبوة وأنه هو خاتم الأولياء الذي هو في نظره أفضل من خاتم الأنبياء.
يقول ابن عربي عن نبوة الأولياء:
(اعلم أيدك الله أن النبي هو الذي يأتيه الوحي من عند الله، يتضمن ذلك الوحي شريعة يتعبد بها في نفسه. فإن بعث إلى غيره كان رسولا. . . وهذا باب قد أغلق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا سبيل أن يتعبد الله أحدا بشريعة ناسخة لهذه الشريعة المحمدية.
وأما حالة أنبياء الأولياء في هذه الأمة فهو كل شخص أقامه الحق في تجل من تجلياته، وأقام له مظهر محمد - صلى الله عليه وسلم - ومظهر جبريل - عليه السلام. فأسمعه ذلك المظهر الروحاني خطاب الأحكام المشروعة لمظهر محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا فرغ من خطابه وفزع عن قلب هذا الولي عقل صاحب هذا المشهد جميع ما تضمنه ذلك الخطاب من الأحكام المشروعة الظاهرة في هذه الأمة المحمدية، فيأخذها هذا الولي كما أخذها المظهر المحمدي) (¬1) . .
وأما عن ادعائه بأنه خاتم الأولياء الذي هو في نظره أفضل من خاتم الأنبياء فيقول:
فأتى به ختم الولاية مثل ما ... ختم النبوة بالنبي المرسل
ولنا من الختمين حظ وافر ... ورثا أتانا في الكتاب المنزل (¬2)
¬_________
(¬1) الفتوحات المكية، 1 / 150.
(¬2) المصدر نفسه، 3 / 84.

الصفحة 189