كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

كالاستغاثة به - صلى الله عليه وسلم - عند الشدائد وطلب الحاجات منه إلى غير ذلك من أنواع الغلو المفضي إلى الشرك، الذي نهى الله ورسوله عنه.
وليت هؤلاء الغلاة وقفوا في إطرائه - صلى الله عليه وسلم - عند هذا الحد فلم يصفوه بصفات الألوهية والربوبية كما فعلت النصارى، بل إنه قد وصل بهم الغلو إلى مساواة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالله.
يقول صاحب كتاب النفحات الأقدسية:
(فشأن محمد في جميع تصرفاته هو شأن الله، تعالى، فليس لمحمد - صلى الله عليه وسلم - من محمد شيء ولذلك كان نورا ذاتيا من عين ذات الله) (¬1) وفي هذا الكلام من الكفر الصريح ما فيه والذي يناقض ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من تحقيق التوحيد وسد الذرائع إلى الشرك.
ومن الأحاديث التي وردت في النهي عن الإطراء في المدح ما أخرجه الإمام أحمد بسنده عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن رجلا قال: يا محمد، يا سيدنا، وابن سيدنا، وخيرنا، وابن خيرنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " عليكم بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان. أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل» (¬2) .
وأخرج أبو داود بسنده «عن عبد الله بن الشخير - رضي الله عنه - قال: (انطلقت في وفد بنى عامر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: أنت سيدنا فقال: السيد الله تبارك وتعالى. قلنا: وأفضلنا فضلا، وأعظمنا طولا. فقال: " قولوا بقولكم أو ببعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان» (¬3) .
¬_________
(¬1) النفحات الأقدسية، ص 9.
(¬2) سبق تخريجه، ص 89.
(¬3) سنن أبي داود. كتاب الأدب، باب كراهية المدح، 5 / 154 - 155، والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير، 3 / 226.

الصفحة 205