كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

كل محبوب من نفس ووالد وولد والناس أجمعين وذلك لما- خصه الله من كريم الخصال وعظيم الشمائل، وما أجراه على يديه من صنوف الخير والبركات لأمته، وما امتن الله على العباد ببعثته ورسالته إلى غير ذلك من الأسباب الموجبة لمحبته عقلا وشرعا.
يقول النووي ملخصا كلام القاضي عياض: (وبالجملة فأصل المحبة: الميل إلى ما يوافق المحب، ثم الميل قد يكون لما يستلذه الإنسان ويستحسنه، كحسن الصورة والصوت والطعام ونحوها، وقد يستلذه بعقله للمعاني الباطنة كحب الصالحين والعلماء وأهل الفضل مطلقا، وقد يكون لإحسانه إليه ودفع المضار والمكاره عنه.
وهذه المعاني كلها موجودة في النبي صلى الله عليه وسلم لما جمع من جمال الظاهر والباطن، وكمال خلال الجلال وأنواع الفضائل، وإحسانه إلى جميع المسلمين بهدايته إياهم إلى الصراط المستقيم ودوام النعم والأبعاد من الجحيم) (¬1) .
وحب المسلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم عمل قلبي من أجل أعمال القلوب، وأمر وجداني يجده المسلم في قلبه، وعاطفة طيبة تجيش بها نفسه، وإن تفاوتت درجة الشعور بهذا الحب تبعا لقوة الإيمان أو ضعفه.
وليس هذا الحب أمرا عقليا مجردا عن الميل القلبى كما ذهب إليه البيضاوي (¬2) فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر: عند شرح قوله صلى الله عليه وسلم: " أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما قال:
¬_________
(¬1) صحيح مسلم بشرح النووي. طبع دار الفكر، بيروت 1401هـ، 2 / 14.
(¬2) هو أبو سعيد ناصر الدين عبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي (. . . ـ 685) قاض. أصولي. متكلم. مفسر.
من تصانيفه: أنوار التنزيل وأسرار التأويل، طواع الأنوار، منهاج الوصول إلى علم الأصول.
انظر طبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي تحقيق: عبد الفتاح محمد الحلو. ومحمود الطناحي. ط1، مطبعة عيسى الحلبي، مصر 8 / 157، 158.
وبغية الوعاة 2 / 50، 51.

الصفحة 38