كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

وذلك كاعتقاد أنه يعلم الغيب مطلقا أو أن وجوده سابق لهذا العالم وأن من نوره خلق الكون كله إلى غير ذلك من الاعتقادات الباطلة التي لم ترد في سنة. وسيأتي لهذا مزيد بيان في فصل الغلو في الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد أوجب الله على الأمة كلها تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره فقال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا - لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الفتح: 8 - 9] (¬1) .
فالتسبيح لله عز وجل والتعزير والتوقير للنبي صلى الله عليه وسلم وقال تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157] (¬2) والتعزير بمعنى التعظيم.
قال ابن جرير في تفسير الآية الأولى:
(معنى التعزير في هذا الموضع: التقوية والنصرة والمعونة ولا يكون ذلك إلا بالطاعة والتعظيم والإجلال) (¬3) .
ويعرف ابن تيمية التعزير بأنه:
(اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه، والتوقير: اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والإكرام، وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار) (¬4) .

وقد أبان الله في كتابه عن وجوه الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه. وما ينبغي على المسلم أن يتأدب به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في آيات شتى وبأساليب
¬_________
(¬1) سورة الفتح، آية (9) .
(¬2) سورة الأعراف، آية (157) .
(¬3) تفسير الطبري المسمى جامع البيان عن تأويل آي القرآن لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري. ط 2، مصطفى الحلبي. القاهرة، 1373 هـ، 26 / 75.
(¬4) الصارم المسلول على شاتم الرسول. لابن تيمية.
تحقيق. محمد محي الدين عبد الحميد، طبع دار الكتب العلمية، بيروت 1398 هـ، ص 422.

الصفحة 71