كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

وتوقيرا له (¬1) .
الثاني: أن لا تجعلوا دعاء الرسول لكم من جنس دعاء بعضكم بعضا إذا شاء أجاب وإن لم يشأ لم يجب. بل الأدب معه أنه إذا دعاكم لم يسعكم إلا إجابته والسمع والطاعة له (¬2) .
ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم أن أصحابه إذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه.
كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 62] (¬3) .
قال ابن القيم:
(ومن الأدب معه: أنهم إذا كانوا معه على أمر جامع- من خطة أو جهاد أو رباط- لم يذهب أحدهم مذهبا في حاجته حتى يستأذنه. . . فإذا كان هذا مذهبا مقيدا بحاجة عارضة، لم يوسع لهم فيه إلا بإذنه فكيف بمذهب مطلق في تفاصيل الدين: أصوله، وفروعه، دقيقة، وجليله؟ هل يشرع الذهاب إليه بدون استئذانه، {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] (¬4) ومن الأدب معه. أن لا يستشكل قوله. بل تستشكل الآراء لقوله، ولا يعارض نصه بقياس، بل تهدر الأقيسة وتلقى لنصوصه، ولا يحرف كلامه عن حقيقته لخيال يسميه أصحابه معقولا، نعم هو مجهول وعن الصواب معزول.
¬_________
(¬1) انظر تفسير ابن كثير، 3 / 306 - 307، وأضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن. الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، طبع مطبعة المدني، مصر، 6 / 251 - 252.
(¬2) انظر مدارج السالكين، 2 / 389 - 390.
(¬3) سورة النور، آية (62) .
(¬4) سورة النحل، آية (43) ، وسورة الأنبياء، آية (7) .

الصفحة 75