كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

وأخرج أبو داود بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم» (¬1) .
وقد علم الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه وأمته كيف يصلون عليه في الصلاة وغيرها وذلك فيما أخرجه البخاري ومسلم بسنديهما عند عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية، إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا، فقال يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك فقال: قولوا اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد) (¬2) .
وأخرجا أيضا بسنديهما عن أبي حميد الساعدي أنهم قالوا: «يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: (اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما، صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» (¬3) .
إلى غير ذلك من الصيغ التي علمهم النبي صلى الله عليه وسلم إياها وأرشدهم إليها. وهذه الصيغ التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وأمته من بعدهم هي أفضل كيفيات الصلاة والسلام عليه لأنها صادرة من مشكاة النبوة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يختار لهم ولنفسه إلا الأشرف والأفضل والأكمل من الأعمال والكيفيات.
فإذا تبين هذا علمنا أن ما ابتدعه كثير من مشايخ الصوفية من صيغ في الصلاة
¬_________
(¬1) سنن أبي داود. كتاب المناسك. باب زيارة القبور 2 / 534. ورواه أحمد في المسند 2 / 367. والحديث سنده حسن على شرط مسلم، وهو صحيح بما له من طرق وشواهد. انظر أحكام الجنائز وبدعها للشيخ الألباني، ط4، طبع المكتب الإسلامي، 219 - 220.
(¬2) البخاري. كتاب الدعوات. باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 8 / 95.
ومسلم. كتاب الصلاة. باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد 1 / 305.
(¬3) البخاري، السابق نفسه، 8 / 95-96.
ومسلم، السابق نفسه، 1 / 306.

الصفحة 79