كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

ويدخل في نصر الله ورسوله نصر الشريعة وأهلها والداعين إليها وتكثير سوادهم وإعانتهم على أمورهم، وقمع أعدائهم. ولا يتأتى هذا النصر ولا يتحقق إلا برفع علم الجهاد في سبيل الله جهادا للكفار والمنافقين، وتتبع الزنادقة والملحدين، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة حدود الله في أرضه. وتطيق شرعه.
وترك النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه والتخاذل عنها تمكين لأعداء الإسلام من الطعن فيه وتشويهه وإضعاف شوكته وانتهاك حرماته وإذهاب هيبة النبي صلى الله عليه وسلم من النفوس.
ولا يكون ذلك إلا إذا ترك الجهاد في سبيل الله، وذهبت الغيرة على محارم الله من القلوب، حينما يكون الرضى بالذل والهوان حبا للدنيا وكراهية للموت، وهذا هو حال المسلمين اليوم. فالانتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم حق على كل من آمن بالله واتبعه وزعم أنه يحبه، فمن ادعى حبه ولم ينصره وينتصر له فهو كاذب في دعواه.
فمقتضى الحب الصحيح أن تنصره وتفديه بالنفس والمال وأن تغار على حرمات الله أن تنتهك، تلك هي أهم جوانب تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقيره. لكن بقي أن أنبه إلى أمرين مهمين في هذا الباب:
الأمر الأول:
أنه يجب على المسلم المعظم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفرق بين حقوق الله تعالى التي هي من خصائص ربوبيته وألوهيته، والتي لا يجوز صرفها لغير الله تعالى، وبين حقوق النبي صلى الله عليه وسلم ليضع كل شيء في موضعه حتى يكون على الصراط المستقيم.
فالتجاء المضطر- مثلا- الذي أحاطت به الكروب، ونزلت به الشدائد التي لا يقدر على كشفها إلا الله وحده، حق ممن حقوق الله تعالى لا يجوز صرفه

الصفحة 83