كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

لغير الله بحال من الأحوال، لأن كشف الضر، وإجابة المضطر بيد الله وحده. فصرف هذا الحق لله وإخلاصه له، هو عين طاعته سبحانه ومرضاته، وهو طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع له في تجريد التوحيد من كل شوائب الشرك.
أما صرف هذا الحق- أو غيره من الحقوق الخاصة بالله- لغير الله ولو لرسوله صلى الله عليه وسلم بدعوى أنه تعظيم له - فهذا عين المحاده والمشاقة لله ورسوله " وهو من الشرك الذي نهى الله عنه فإذا تبين ذلك علمنا أن ما يفعله بعض المنتسبين إلى الإسلام من التجائهم وقت الشدائد إلى غير الله طالبين منه كشف الضر ورفع الشدة، وما يفعل من هذا القبيل عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، بدعوى أنه تعظيم له كل هذا من قبيل الشرك الذي حرمه الله ورسوله.
الأمر الثاني:
الفرق بين التعظيم المشروع وغير المشروع، ينبغي على المسلم أن يعلم أن التعظيم الذي أوجبه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم هو التعظيم المشروع اللائق بمقام النبوة والرسالة.
ومدار هذا التعظيم وأساسه هو الاتباع والاقتداء به صلى الله عليه وسلم فمن كان اتباعا واقتداء كان أكثر محبة وتعظيما، وأبعد عن الغلو والبدع. وليس كل ما يظن أنه من باب التعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو في الحقيقة تعظيما مشروعا في حقه.
قال ابن عبد الهادي (¬1) .
فالتعظيم نوعان: أحدهما: ما يحبه المعظم ويرضاه ويأمر به ويثنى على فاعله، فهذا هو التعظيم في الحقيقة.
¬_________
(¬1) هو أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي (705- 744هـ) شارك في كثير من العلوم وحصل منها مالا يبلغه الشيوخ الكبار، وترك تصانيف كثيرة منها: الأحكام في فقه الحنابلة. وتراجم الحفاظ وفضائل الشام. والمحرر في الحديث. والعقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية. والصارم المنكي في الرد المنكي في الرد على السبكي وغيرها. انظر البداية والنهاية (14 / 210) والدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني، تحقيق، محمد سيد جاد الحق، نشر دار الكتب الحديثة. عابدين، مصر (3 / 421، 422) .

الصفحة 84