كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

محمد. كما في سنن الدارمي وابن ماجه بسنديهما عن الطفيل بن سخبرة أخى عائشة لأمها قال: «قال رجل من المشركين لرجل من المسلمين نعم القوم أنتم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد» (¬1) .
فيجب على المسلم أن يفرق بين المشروع وبين غيره في هذا الجانب وعدم التفرقة بينهما هو الذي أوقع المبتدعة في الغلو الذي ذمه الله ورسوله وذلك كالاستغاثة به وطلب الحاجات منه ودعائه من دون الله واعتقاد أنه خلق من نور وأن الكون كله قد خلق من نوره، وأنه يتصرف في الأكون، ويعلم الغيب مطلقا إلى غير ذلك من العقائد الباطلة، وابتداع أنواع كثيرة من الصلوات عليه. فكل هذا من الغلو والشرك الذي نهى الله عنه، وفاعل هذا مضاد لتعظيمه صلى الله عليه وسلم.
ثالثا: ومن مظاهر محبته صلى الله عليه وسلم:
كثرة تذكره وتمني رؤيته والشوق إلى لقائه، ذلك أن من أحب شيئا أكثر من ذكره، ولا يكون ذلك إلا إذا شغلت المحبة قلب المحب وفكره، وسبب ذلك استحضار الأسباب والدواعي الباعثة على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة قدر النعمة التي أنعم الله بها على الناس إذ بعث فيهم رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ - فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 151 - 152] (¬2) .
ويتبع ذلك تمني رؤيته صلى الله عليه وسلم والشوق إلى لقائه وسؤال الله اللحاق به على الإيمان وأن يجمع بينه وبين حبيبه ونبيه صلى الله عليه وسلم في مستقر رحمته. وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه سيوجد في هذه الأمة أناس يودون رؤيته بكل ما يملكون.
¬_________
(¬1) سنن الدارمي. كتاب الاستئذان. باب في النهي عن أن يقول ما شاء الله وشاء فلان 2 / 295. .
وابن ماجه. كتاب الكفارات. باب النهي عن أن يقال ما شاء الله وشئت 1 / 684. والحديث صحيح بشواهده. انظر السلسلة الصحيحة 1 / 54- 56.
(¬2) سورة البقرة، آية (151-152) .

الصفحة 86