كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

فأخرج مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أشد أمتي لي حبا، ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني، بأهله وماله» (¬1) .
ويدخل في هذا الشوق إلى لقائه صلى الله عليه وسلم إذ كل حبيب يحب لقاء حبيبه وحينما قدم الأشعريون المدينة كانوا يرتجزون (غدا نلقى الأحبة، محمدا وصحبه) (¬2) .
ولما احتضر بلال نادت امرأته، واويلاه. وهو يقول وافرحاه (غدا نلقى الأحبة. محمدا وحزبه) (¬3) .
فمزج مرارة الموت بحلاوة الشوق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تقدمه من الصحابة رضوان الله عليهم.
وكان خالد بن معدان الكلاعي (¬4) وهو من أعلام التابعين - لا يأوى إلى فراشه مقيله إلا وهو يذكر فيه شوقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أصحابه من المهاجرين والأنصار ثم يسميهم ويقول: (هم أصلي وفصلي، وإليهم يحن قلبي، طال شوقي إليهم فعجل ربي قبضي إليك) . حتى يغلبه النوم (¬5) .
¬_________
(¬1) صحيح مسلم. كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها. باب فيمن يود رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بأهله وماله 4 / 2178.
(¬2) أخرجه الإمام أحمد في المسند، 4 / 105، 155، 183.
قال الشيخ الألباني (إسناده صحيح على شرط مسلم) . انظر. السلسلة الصحيحة 2 / 50- 51.
(¬3) أورد هذه الحكاية ابن عساكر في ترجمة بلال بن رباح رضي الله عنه- انظر. تهذيب تاريخ دمشق. الشيخ عبد القادر بدران، ط 2، دار المسيرة بيروت، 1399، 3 / 317.
(¬4) هو أبو عبد الله خالد بن معدان بن أبي كريب الكلاعي الشامي الحمصي، تابعي ثقة من الطبقة الثالثة، أدرك سبعين صحابيا، وروي عن بعضهم وكان من خيار عباد الله، توفى سنة ثلاثة أو أربع بعد المائة.
انظر. تهذيب تاريخ دمشق، 5 / 89- 91.
وتهذيب التهذيب لابن حجر " 118- 125.
(¬5) روى ذلك الخبر القاضي عياض في الشفا، 2 / 21.
وابن عساكر، تهذب تاريخ دمشق، 5 / 90، عن عبدة بنت خالد بن معدان.

الصفحة 87