كتاب محبة الرسول بين الاتباع والابتداع

وهكذا شأن المحب دائما أن يشتاق إلى لقاء حبيبه ويتمنى رؤيته بكل ما يستطيع ويملك.
فأين شوق المسلمين اليوم إلى نبيهم وحبيبهم صلى الله عليه وسلم أين هو؟ لقد غاب عند أكثر العالمين إلا من رحم الله. نعم. لقد غاب. لأن الفكر والقلب قد شغل بالتنافس في حطام الدنيا حتى قل تذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فضلا عن الشوق إلى لقائه. فنسأل الله أن يوقظنا من رقدة الغافلين وأن يرزقنا الشوق إلى لقائه ولقاء حبيبه صلى الله عليه وسلم في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.
رابعا: ومن مظاهر محبته صلى الله عليه وسلم محبة قرابته وآل بيته وأزواجه وصحابته:
ويتمثل هذا في توقيرهم ومعرفة فضلهم وحفظ حرمتهم ومكانتهم وبغض من أبغضهم أو آذاهم.
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الأمة بآل بيته خيرا فقال:
«أذكركم الله في أهل بيتي» .
أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن زبد بن أرقم رضي الله عنه قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا. بماء يدعى " خما " بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر. ثم قال: أما بعد. ألا أيها الناس! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب. وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله. واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه. ثم قال: (وأهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي) فقال له حصين (¬1) ومن أهل بيته؟ يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته. ولكن أهل بيته. من حرم الصدقه بعده. قال ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، قال كل هؤلاء حرم الصدقة بعده؟ قال: نعم» (¬2) .
¬_________
(¬1) حصين هو ابن سبرة راوي الحديث عن زيد بن أرقم.
(¬2) صحيح مسلم. كتاب فضائل الصحابة. باب فضائل علي رضي الله عنه، 4 / 1873.

الصفحة 88