كتاب مناظرة بين الإسلام والنصرانية
فهو سبحانه وتعالى لم يعد بالثواب في الآخرة إلا هؤلاء الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، الذين قال فيهم {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}
والشاهدون: هم الذين شهدوا له- صلى الله عليه وسلم- بالرسالة، فشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
ولهذا فسر ابن عباس وغيره قوله تعالى: {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} قال: مع محمد صلى الله عليه وسلم وأمته.
وكل من شهد للرسول بالتصديق فهو من الشاهدين، كما قال الحواريون {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} (¬1)
وإذا كان القرآن الكريم قد أثنى على هؤلاء القساوسة والرهبان، الذين درسوا الحق، وأخلصوا في دراستهم، فأعلنوه واتبعوه.
فلقد نعى على غيرهم، من الذين اتخذوا الدين تجارة، وأخذوا يكنزون الذهب والفضة، وينصبون أنفسهم للناس آلهة، يحلون ما يشاءون ويحرمون ما يشاءون، يدخلون الجنة من يشتهون ويحرمون منها من يبغضون.
قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ}
¬_________
(¬1) سورة آل عمران، آية 53.
الصفحة 415
527