كتاب مناظرة بين الإسلام والنصرانية

وقوله: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} (¬1)
فالمضاف في النوع الأول: صفة الله قائمة به ليست مخلوقًا له بائنًا عنه.
والمضاف في النوع الثاني: مملوك لله مخلوق له بائن عنه، لكنه مفضل مشرف لما خصه الله به من الصفات التي اقتضت إضافته إلى الله تبارك وتعالى.
كما خص ناقة صالح عليه السلام من بين النوق. وكما خص بيته بمكة من بين البيوت، وكما خص عباده الصالحين من بين الخلق.
ومن هذا الباب قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} (¬2)
وهذا الروح وصفه الله بأنه تمثل لها بشرًا سويًّا، وأنها استعاذت بالله منه إن كان تقيًّا، وإنه قال لها {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ}
وهذا كله يدل على أنها عين قائمة بذاتها.
وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم أنه نفخ في مريم من روحه، قال تعالى: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} (¬3)
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} (¬4)
كما ذكر الله تعالى تأييده لعيسى عليه السلام بروح القدس في عدة مواضع:
فقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} (¬5)
¬_________
(¬1) سورة الإنسان، آية 6.
(¬2) سورة مريم، آية 17.
(¬3) سورة الأنبياء، آية 91.
(¬4) سورة التحريم، آية 12.
(¬5) سورة البقرة، آية 87.

الصفحة 439