كتاب مناظرة بين الإسلام والنصرانية
والبخل- هنا- يشمل البخل بالعلم والبخل بالمال، وإن كان السياق يدل على أن البخل بالعلم هو المقصود الأكبر، فلذلك وصفهم بكتمان العلم في غير آية.
كقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} (¬1)
وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (¬2)
فوصف الله تعالى أهل الكتاب بأنهم يكتمون العلم، بخلًا به، وتارة حرصًا على الدنيا ومناصبها.
وهذا المرض قد يبتلى به طوائف من المنتسبين إلى العلم، فإنهم تارة يكتمون العلم بخلًا به، أو كراهة أن ينال غيرهم من الفضل مثل ما نالوه، أو رغبة في دنيا، أو رهبة من الناس!
وتارة يكون سبب كتمان العلم أن يكون العالم قد خالف غيره في مسألة، أو انتسب إلى طائفة قد خولفت في مسألة، فيكتم من العلم ما فيه حجة لمخالفيه. وإن لم يتيقن أن مخالفه مبطل.
ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي: " أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم ".
3- معرفة الحق بالرجال:
قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ}
¬_________
(¬1) سورة آل عمران، آية 187.
(¬2) سورة البقرة، آية 159.
الصفحة 460
527