كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

المخاطبين إذا كان ظاهر المعنى بَيِّن المراد، فهو بيان صحيح، وإن لم يشتمل عليه هذا الوصف، ألا ترى أن قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} 1 وقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} 2، و {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} 3 قد حصل به البيان، وإن لم يكن قبل ظهور ذلك إشكال أخرجه إلى التجلي، بل قد علمنا: أن الغسل لم يكن واجبًا، فبين وجوبه بالآية.
وقال قوم من المتكلمين: البيان، هو الدلالة؛ لأن البيان يقع بها، وهو ظاهر كلام أبي الحسن التميمي؛ فإنه قال في جزء وقع إليَّ من كلامه: باب في البيان، ثم قال: البيان عن4 الشيء يجري مجرى الدلالة5، وهذا أيضًا فيه خلل؛ لأن من الدلائل ما لا يقع به البيان، كالمجمل ونحوه.
وقال قوم منهم: البيان هو العلم الذي يتبين [به] 6 المعلوم7.
__________
1 "6" سورة المائدة.
2 "23" سورة النساء.
3 "3" سورة المائدة.
4 في الأصل "من" وهو خطأ، والتصويب من "المسودة" "ص: 572".
5 هكذا نقل المؤلف تعريف أبي الحسن التميمي للبيان، غير أن أبا الخطاب نقله عنه بلفظ: "الدليل المظهر للحكم". انظر "التمهيد" الورقة "10/ أ".
6 ساقطة من الأصل. والتصويب من "إرشاد الفحول" "ص: 168".
7 نقل هذا التعريف في "المسودة" إلا أنه اقتصر على قوله: "البيان: هو العلم" "ص: 572" وقد ذكره الغزالي في كتابه: "المنخول" وعزاه لبعض الشافعية "ص: 64". أما الشوكاني في "إرشاد الفحول" "ص: 168" فقد نقله معزوًّا إلى أبي بكر الدقاق.

الصفحة 106