كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 4)

وهذا كما قال في آية أخرى (1) (قَالَ أوْسَطهُمْ ألمْ أقل لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ) (2) يعنى: أعدلهم وخيرهم (3)
__________
= الثاني: (وسطاً) "عدلاً"؛ لأن الوسط عدل بين الأطراف، ليس إلى بعضها أقرب من بعض) .
ويفسر ابن منظور "الوسط" في كتابه اللسان مادة "وسط" (9/306) بالعدل.
ويعلل أبو السعود في تفسيره (1/172) وصفهم بذلك؛ لأنهم يتصفون بالصفات الحميدة، لا تفريط ولا إفراط، خياراً عدولاً مزكين بالعلم والعمل.
ويرى الشوكاني في تفسيره فتح القدير (1/130) أنه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تفسير "الوسط" في الآية بالعدل، وساق الروايات المرفوعة في ذلك فارجع إليه إن شئت.
ويقول ابن جرير الطبرى في تفسيره (2/142) بتحقيق الشيخ أحمد شاكر: (إن الوسط في هذا الموضع: هو"الوسط" الذي بمعنى الجزء الذى هو بين الطرفين، مثل "وسط الدار" ... وأرى أن الله تعالى ذكره: وصفهم بأنهم: "وسط" لتوسطهم في الدين، فلا هم أهل غلو فيه، غلو النصارى الذين غلوا بالترهب، وقيلهم في عيسى ما قالوه فيه، ولا هم أهل تقصير فيه تقصير اليهود الذين بدلوا كتاب الله وقتلوا أنبياءهم وكذبوا على ربهم وكفروا به ... ) .
قلت: ولا منافاة بين ما ذكره المفسرون هنا، فهم خيار عدول، وكل صفة من صفاتهم الحميدة تصح أن تكون سبباً في وصفهم بأنهم "وسط" والله أعلم.
(1) في الأصل: (في روامه) وبعدها موضع كلمة مطموسة. والتصويب دل عليه السياق، دل عليه قول أبي الخطاب في كتابه التمهيد (3/254) : (وهو حجة، لنا قوله تعالى (وَكَذلِكَ جَعَلْنَاكُم أمة وَسَطا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس وَيَكونَ الرسُولُ عَلَيكُم شَهِيداً) والوسط: الخيار العدل، بدليل قوله تعالى: (قَالَ أوْسَطُهُمْ ألم أقُل لكُم) معناه: أعدلهم) .
(2) آية (28) من سورة القلم.
(3) وبهذا فسره الزمخشري في الكشاف (4/145) .

الصفحة 1071