كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 4)

فإن قيل: نحمل قوله: (لا تجتمع أمتي على الخَطَأ) (1) يعنى: على كفر.
قيل: هذا محمول على الأمرين جميعاً (2) .
وعلى أن الخطأ إنما يعبر به عن المعاصى والآثام، دون الكفر.
فإن قيل: قوله: (لا تجتمعُ على ضلالة) معناه: لا يجمعهم الله على الضلال.
قيل: الخبر عام، لا يجمعهم الله ولا يجتمعون.
فإن [161/أ] قيل: قوله: (لا تجتمع أمتي) ، وإن كان لفظه لفظ الخبر، فالمراد به: النهي، وتقديره: لا تجتمعوا على ضلال؛ لأنه لو كان خبراً لوقع بخلاف مخبره؛ لأنا نجد في الأمة اجتماعها على الضلال.
قيل: قوله: (لا تجتمع على ضلالة) (3) خبر، وقوله: "يقع بخلاف مخبره" غلط؛ لأنا لم نجد اجتماع الأمة على ضلالة، وإنما يوجد بعضهم، والخبر اقتضى اجتماعهم.
فإن قيل: فهذه الأخبار يعارضها ما روي عن النبى - صلى الله عليه وسلم - بأن (لا تقوم الساعة إلا على أشرار (4) الناس) (5) ، وكيف يكون اجتماع الناس حجة؟
__________
(1) الرواية التي ذكرها المؤلف فيما سبق: (لا تجتمع أمتي على خطأ) وهى المناسبة لأن يذكر بعدها قول المعترض: (يعنى: على كفر) .
(2) لم يذكر إلا أمراً واحداً وهو: "الكفر" ولكن الجواب عن الاعتراض فيما بعد يوضح الأمرين.
(3) في الأصل: (ضلال) ، والحديث: (لا تجتمع على ضلالة) .
(4) هكذا في الأصل: (أشرار) ، وفي القاموس مادة "شر" (2/57) : وأشَر قليلة أو رديئة. وفي هامش الأصل، ومصادر التخرج الآتي ذكرها: (شرار) بدون الألف المهموزة.
(5) هذا الحديث رواه ابن مسعود -رضى الله عنه- مرفوعاً. أخرجه عنه مسلم في صحيحه في كتاب الفتن، باب قرب الساعة (4/2268) .
وأخرجه عنه الإمام أحمد في مسنده (1/435) . =

الصفحة 1083