كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

وإن شئت قلت: بيان ما لم يرد باللفظ العام في الأزمان.
وقد قيل: التخصيص تقليل، والنسخ تبديل. وهذا غير صحيح؛ لأن الردة تبديل، وتغيير العهد والوصية تبديل وليس بنسخ، قال الله سبحانه: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ} 1، وقال تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} 2.
وفيما ذكرنا من الحد احتراز من الحكم المعلق على زمان مخصوص، وأن انقضاءه ليس بنسخ له؛ لأن الحكم لم يكن مطلقًا، وذلك مثل قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} 3، وليس انقضاء الليل نسخًا للحكم المأذون فيه، ولا انقضاء النهار نسخًا للصوم المأمور به فيه.
فإن قيل: قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ 4 أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ
__________
1 "181" سورة البقرة.
2 "23" الأحزاب.
3 "187" سورة البقرة.
4 كلمة: "عليهن" ساقطة من الأصل.

الصفحة 156