كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

وكذلك الحج عبارة: عن القصد في اللغة، وهو في الشريعة: عبارة عن أفعال مخصوصة، فهو في الشريعة كما كان في اللغة، وضمت إليه شروط شرعية، ولا نقول: بأنها منقولة من اللغة إلى معاني أحكام الشريعة.
وقالت المعتزلة: هي منقولة ومعدولة عن موجباتها في اللغة.
وهذا قول فاسد؛ لأنه لو نقل الأسماء اللُّغوية إلى أحكام شرعية كان مخاطبًا لهم بغير لغتهم، وقد قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} 1، وقوله: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} 2.
ولأنه لو كان منقولا لحصل البيان من النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، كما حصل منه في غيره من الأشياء، ولما لم ينقل ذلك، دل على أنه لم ينقل.
__________
1 "4" سورة إبراهيم.
2 "195" سورة الشعراء.
فصل: في أسماء الأشياء هل حصلت عن توقيف أم مواضعة؟:
فقيل في ذلك: يمكن أن يكون عرف ذلك بالتوقيف والوحي من الله تعالى.
ويحتمل أن يكون عرف ذلك بمواضعة أهل اللغة ومواطأتهم على ذلك.
ويمكن أن يكون بعضها مأخوذًا عن توقيف، وبعضها بالمواضعة. وبعضها مستعملا بقياس على ما تكلم به أهل اللغة.
ويجوز أن يتفق لأهل اللغة أو لبعضهم: أن يتواطئوا على وضع اسم لشيء قد وقف اللهُ عليه بعضَ من أعلمه ذلك، فتكون المواضعة منهم موافقة للتوقيف.

الصفحة 190