كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

صلى الله عليه وسلم فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله" 1، وهذا يدل على أن الواو ترتيب؛ لأن قوله: ومن يعصهما جمع من غير شك، ولا يجوز أن يكون المنهي عنه هو المأمور [به] .
والجواب: أنه إنما أمره بذلك لئلا يجمع بين ذكر الله تعالى وذكر رسوله -صلى الله عليه وسلم- في كتابة واحدة؛ لأن ذلك منهي عنه، ولهذا قال تعالى: {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} 2، ولم يقل يرضوهما3.
واحتج بما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال لعبد بني الحسحاس4، لما أنشده [17/ ب] :
__________
1 هذا الحديث رواه عدي بن حاتم -رضي الله عنه- مرفوعًا. أخرجه عنه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة "2/ 594".
وأخرجه عنه أبو داود في كتاب الأدب، باب منه، أي: من باب لا يقال.. "2/ 952".
وأخرجه عنه النسائي في كتاب النكاح، باب ما يكره من الخطبة "6/ 74".
وراجع فيه أيضًا: "نيل الأوطار" "3/ 301".
2 "62" سورة التوبة. وقد نقل الآية هكذا: "أن ترضوه" بالتاء والآية في المصحف كما أثبتناها.
3 في الأصل: "ترضوهما" بالتاء، غير أن الآية بالياء.
4 في الأصل "الجسجاس" بالجيم فيهما، وهو خطأ، والصواب: ما أثبتناه. وهو سحيم عبد بني الحسحاس الحبشي، أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم، شاعر مخضرم، أنشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه، له ديوان مطبوع. قيل: إنه قتل في خلافة عثمان -رضي الله عنه- على يد بعض مواليه من بني الحسحاس؛ بسبب تغزله في امرأة منهم.
له ترجمة في "الإصابة" "3/ 163، 164"، و"الأغاني" "20/ 2- 9"، و"طبقات الشعراء" "ص: 43، 156، 157".

الصفحة 196