كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

ومن أصحاب الشافعي من قال: إذا كان الفعل يتعدى من غير الباء، فلا يحتاج إليها للإلصاق، فوجب حمله على التبعيض1؛ لأن حمل كل حرف من القرآن على ما يفيد أولى، وقد استوفينا الكلام على هذا في غير هذا الموضع2.
__________
1 وممن قال بأن الباء تأتي للتبعيض الأصمعي والفارسي والقتيبي وابن مالك، كما ذكر ذلك ابن هشام في "المغني" "ص: 1/ 98" مع حاشية الأمير.
2 هناك معانٍ كثيرة للباء، فصَّل القول فيها ابن هشام في "المغني" "1/ 95- 103".
[من، وإلى] :
وأما "من" فهي لابتداء الغاية، و"إلى" لانتهاء الغاية، تقول: سرت من الكوفة إلى البصرة، أي: ابتدأت بالسير من الكوفة وانتهيت إلى البصرة1.
وقد تستعمل من للتبعيض كقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} 2، وكقولك: اختر من هؤلاء الرجال، واقبض من هذه الدراهم، وكل من هذا الطعام، واشرب من هذا الماء.
وإذا حلف لا يأكل من هذا الرغيف، ولا يشرب من هذا الماء، حنث بالبعض.
__________
1 "من" تكون لابتداء الغاية في المكان باتفاق، وفي الزمان عند الكوفيين والأخفش والمبرد وابن درستويه، واختاره ابن مالك وأبو حيان، وذلك كقوله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى الْتَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} ، راجع: "المغني" لابن هشام "2/ 14"، و"شرح الكوكب المنير" "ص: 77".
2 "6" سورة المائدة.

الصفحة 202