كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

عدم القرينة قرينة، فقد صح أن الأمر إنما يصح أمرًا لقرينة.
والجواب: أنَّا نجعله أمرًا لعدم القرينة، وليس عدم القرينة قرينة، كما أن عدم الشيء ليس بشيء، ومثال هذا: أسماء الحقائق: كالحمار والسبع، يستعمل فيما وضعت له حقيقة بمجردها، وهو في البهائم، وقد يستعمل في غيرها بقرينة، وهو في الرجل البليد، والشجاع، ولا يقال: إنها إذا استعملت فيما وضعت له عند عدم القرينة، إنها مستعملة فيه بقرينة، كذلك ههنا.
الأمر هو الأصوات المسموعة
مدخل
...
فصل:
والدلالة على أن [21/ أ] الأمر هو الأصوات المسموعة: هو أن هذا كلام متعلق باللغة، فوجب أن يرجع فيه إلى أهلها، وقد وجدناهم حدُّوا الأمر بقول القائل: افعل، إذا حصل على صفة، فلم يجز العدول عما قالوه في لغتهم.
ولا يجوز أن يقال: إن ما ذكرتموه في حدِّ الأمر لم ينقل عن العرب نقل تواتر؛ لأنه أمرٌ أَجْمَعَ عليه أهل العربية، وهم قوم يقع بخبرهم العلم؛
ولأن ما طريقه اللغة لو اعتبر فيه النقل المتواتر لم يمكن إثبات غريب القرآن ولا شواذ اللغة.
قيل: علمنا أن السلف كانوا يستشهدون بالبيت من الشعر على ما يحكونه من اللغة دلالة على بطلان هذا القول.
ولأن ما تعم به البلوى من أمر الشريعة لا يعتبر فيه النقل المتواتر، فكيف يصح اعتبار ذلك فيما طريقه اللغة؟!
ولأن الإنسان يسمى آمرًا عند وجود القول منه، ومتى انتفى عنه القول

الصفحة 222