كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

والجواب: أن هذا كله على طريق المجاز، كما قال تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} 1، وكما قال الشاعر:
وَقَالَتْ لَهُ العَينَانِ سَمْعًا وطَاعَةً2
والعين لا تقول.
يبين صحة هذا، وأنه مجاز أنه يصح نفيه، فنقول: فلان لم يأمر اليوم بأمر مع وقوع الفعل منه، وأسماء الحقائق لا تتنافى.
واحتج بأن الأمر مأخوذ من الأمارة، وهي العلامة التي يقتدى بها، والفعل قد يلزم الاقتداء به، فسمي لذلك أمرًا.
والجواب: أن هذه الصفة تحصل في الكتاب والإشارة، وإن لم يطلق اسم الأمر عليهما، وليس يمتنع أن يوجد ذلك من العلامة، ويخص بها الأقوال تعريفًا لها وتنبيهًا عليها.
__________
1 "82" سورة يوسف.
2 لم أقف على قائله.
مسألة: [الأمر المطلق يقتضي الوجوب] :
إذا ورد لفظ الأمر متعريًا عن القرائن اقتضى وجوب المأمور به.
وهذا ظاهر كلام أحمد [21/ ب]-رحمه الله- في مواضع:
فقال في رواية1 أبي الحارث2: إذا ثبت الخبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وجب العمل به.
__________
1 هذه الرواية موجودة بنصها في "المسودة" "ص: 13، 15".
2 هو أحمد بن محمد أبو الحارث الصائغ. من أصحاب الإمام أحمد المقربين إليه، كانت لديه مسائل كثيرة نقلها عن الإمام أحمد.
له ترجمة في طبقات الحنابلة "1/ 74"، والإنصاف للمرداوي "12/ 280".

الصفحة 224