فإن قيل: فلو كان أمرًا لاقتضى الفور إلى فعل المندوب كالأمر الواجب، قيل: هكذا نقول: هو على الفور.
مسألة في ورود الأمر بعد الحظر
مدخل
...
مسألة 1: [في ورودِ الأمرِ بعدَ الحظرِ] :
صيغة الأمر إذا وردت بعد الحظر اقتضت الإباحة وإطلاق محظور، ولا يكون أمرًا، نحو قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} 2، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْض} 3، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُن} 4، {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} 5، "كنت نهيتكم عن ادِّخار لحوم الأضاحي ألا فادَّخروها" ونحو ذلك.
وقد نص أحمد -رضي الله عنه- في رواية صالح وعبد الله في قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} 6، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} 7، وقال8 "أكثر من سمعنا: إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل، كأنهم ذهبوا على أنه ليس بواجب، وليس هما على ظاهرهما"9.
__________
1 راجع هذه المسألة في المسودة "ص: 16- 20"، وروضة الناظر "102، 103".
2 "2" سورة المائدة.
3 "10" سورة الجمعة.
4 "222" سورة البقرة.
5 "53" سورة الأحزاب.
وقد استدل المؤلف بهذه الآية: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} ، وتعقبه المجد بأنها ليست فيما نحن فيه، ولم يعلِّل. قلت: لأن الأمر بالانتشار لم يأتِ بعد حظره والله أعلم.
6 "2" سورة المائدة.
7 "10" سورة الجمعة.
8 في المسوَّدة "ص: 17": "فقال".
9 تعقب المجدُ في المسودة "ص: 17" المؤلِّفَ في وجه استدلاله من كلام الإمام أحمد فقال: "هذا اللفظ يقتضي: أن ظاهرهما الوجوب، وأنه من المواضيع المعدولة عن الظاهر لدليل".