كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

الأمر بهما، لم يمنع من وجوبهما، كذلك الحظر من جهة السمع لا يمنع أن يكون الأمر الوارد بعده على الوجوب.
والجواب: أنا لا نسلم أن العقل يحظر شيئًا وعلى أن من قال العقل يحظر، فنقول: إذا ورد الشرع بإباحة شيء، ثبت أن العقل لم يحظره؛ لأن الشرع لا يَرِدُ بإباحة ما كان قبيحًا في العقل، فورود الشرع بإباحة ذلك منع أن يكون قبيحًا محرمًا، وليس كذلك ههنا، فإن ورود الشرع بإباحة الصيد لم يمنع حصول تحريم سابق، فبان الفرق بينهما.
واحتج بأن الأمر فيما عدا الواجب لا يكون أمرًا على الحقيقة، فلما ثبت أن هذا أمر وجب أن يكون على الوجوب.
والجواب: أن الأمر فيما عدا الواجب يكون أمرًا على الحقيقة عندنا، وهو الندب، وقد بَيَّنَّا ذلك.
واحتج بأن الأمر بالمباح لا يحسن؛ لكونه عبثًا؛ لأن المأمور لا يستحق عليه الثواب إذا فعله، فلا يجوز أن يكون هذا الأمر مقتضيًا للإباحة.
والجواب: أن هذا ليس بأمر [28/ أ] عندنا، وإنما صيغته صيغة الأمر، ومن سمَّاه أمرًا فإنما يسميه على طريق المجاز.
واحتج: بأن هذا لا يخرج على قولكم؛ لأن عندكم أن أصل الأشياء على الحظر، فيقتضي أن يكون سائر الأوامر مبيحة لا يثبت بشيء منها إيجاب؛ لأنها كلها ترد بعد حظر.
والجواب: أن المواضع التي حملناها على الوجوب لدليل دلَّ عليها اقتضت الوجوب.

الصفحة 263