كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

بشيئين مختلفين مثل الحج والجهاد؛ لأنه لا يمكنه أن يواصل كل واحد منهما أبدًا.
والجواب: أنا نثبت التَّكرار على الإمكان، وإذا كان كذلك لم يفضِ إلى المناقضة.
واحتج: بأنه لو اقتضى التكرار لم يحسن الاستفهام.
والجواب: أنا لا نسلم ذلك، وإن سلمناه فإنما ذلك على طريق الاستثبات، كما يقال له: جاءك الملك، فيقول: جاءني الملك؟ على طريق الاستثبات.
واحتج: بأنه لو اقتضى التكرار لم يحسن تأكيده بالأبد، فيقول: صلِّ أبدًا، وصُمْ أبدًا.
والجواب: أنا نقلب هذا فنقول: ولو اقتضى مرة لم يحسن تأكيده بمرة واحدة، فنقول: صلِّ مرة واحدة، لم يحسن، وعلى أن هذا يجوز على طريق التأكيد، ولقوله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُون} 1، كذلك ههنا.
واحتج بأنه2 لو قال لرجل: كُلْ، ثم قال: كُلْ، كان أمرًا بالأكل مرتين، فلو كان الأمر يقتضي الاتصال أبدًا، كان قوله: ثم كل، تأكيدًا لا عطفًا، فلما قال الكل منهم: إنه عطف أكله على أكله، ثبت أنه لا يقتضي الاتصال.
والجواب: أنه لا يمتنع أن نقول: إن الثاني تأكيد، لا عطف، كما كان قوله: لا تَزْنِ، ثم قال: لا تَزْنِ، كان الثاني تأكيدًا.
__________
1 "30" سورة الحجر.
2 في الأصل: "بأن".

الصفحة 274