كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

يبين هذا: أن ما كان شرطًا لطلاق أو نذر لا يكون شرطًا لطلاق آخر ونذر آخر؛ ولأن الشرط لا يجب الحكم لوجوده، وإنما يجب عدمه لعدمه، والعلة يجب وجود1 الحكم لوجودها، ويجب عدمه لعدمها، ألا ترى أن الحياة شرط في العلم، فلا يجب لوجود الجسم حيًّا أن يكون عالِمًا. ويجب عدم العلم لعدم الحياة. والطهارة شرط في صحة الصلاة لوجود الطهارة، ويجب عدمها لعدم الطهارة، وإذا كان وجود الشرط لا يوجب المشروط، وقد وجب التكرار، كذلك عدمه؛ لأن الوجوب يتعلق بالأمر لا بالشرط.
__________
1 في الأصل: "وجوب".
فصل:
والدلالة على أنه لا يوجب الوقف أن قوله: افعل، تقديره: أوقع فعلا، فوجب أن يحمل على الإمكان على ما نقول نحن، أو على المرة الواحدة كما يقوله غيرنا، فمتى حملناه على الوقف أسقطنا فائدة الأمر.
واحتج المخالف بأنه لما جاز أن يراد بهذه اللفظة التكرار، ويراد بها المرة الواحدة، لم يكن لِلَّفظ ظاهر1.
والجواب: أن المرة الواحدة معلومة قطعًا، فكان يجب الإتيان بها عليه، ويقف فيما زاد عليه، وعلى أن احتماله لما ليس بظاهر منه لا يضر حال الإطلاق، ألا ترى أن اسم الدابة حقيقة لما يدب على وجه الأرض وإن كان حال إطلاق اللفظة لا يحمل عليه، كذلك ههنا، ويأتي الكلام في هذا الفصل مستوفى في المسألة التي بعدها.
__________
1 راجع في هذه المسألة المسوَّدة "ص: 23"، والتمهيد في أصول الفقه، الورقة "28/ ب- 29/ أ".

الصفحة 277