كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

وقد أَومَأَ أحمد إلى هذا في رواية الأثرم1 وقد سئل عن قضاء رمضان يفرق؟ فقال: نعم، قال الله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} 2. فظاهر هذا أنه لم يحمل الأمر على الفور؛ لأنه لو حمله على الفور منع التفريق، والمذهب: ما حكينا أولا.
واختلف المتكلمون في هذه المسألة: هل معرفة ذلك المعقول أم اللغة؟
فذهب بعضهم إلى أن طريق ذلك العقل؛ لأن هذا اختلاف في أحكام، فليس بمأخوذ عن أهل اللغة.
وقال آخرون: معرفة ذلك اللغة؛ لأنهم يقولون: فعل ويفعل، فيدل أحدهما على زمان ماضٍ، والآخر على زمان مستقبل.
__________
1 هو أحمد بن محمد بن هانئ الطائي الأثرم الإسكافي أبو بكر، من أصحاب الإمام أحمد الأجلاء، وممن أخذوا عنه. فقيه، حافظ، ثقة، له كتاب "العلل" مات بعد "260هـ".
له ترجمة في: تاريخ بغداد "5/ 110"، وتذكرة الحفاظ "2/ 570"، وتهذيب التهذيب "1/ 78"، وخلاصة تذهيب الكمال "ص: 11"، وطبقات الحفاظ "ص: 256"، وطبقات الحنابلة "1/ 66"، والمدخل إلى مذهب الإمام أحمد "205".
2 "184" سورة البقرة.
دليلنا:
أنه لو كان على التراخي لم يَخْلُ المأمور به من أحد أمرين: إما أن يكون له تأخيره أبدًا، حتى لا يلحقه التفريط، ولا يستحق الوعيد إن مات قبل فعله. أو يكون مفرطًا مستحقًا للوعيد إذا تركه حتى مات.
فإن قلنا: لا يكون مفرطًا بتركه في حياته، خرج عن حدِّ الواجب،

الصفحة 283