كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

وصار في حدِّ النوافل1؛ لأن ما كان المأمور مخبرًا بين فعله وتركه، فهو نافلة أو مباح2.
وإن قلنا: يلحقه الوعيد بالموت، أدى ذلك إلى أن يكون الله تعالى ألزمه إتيان عبادة في وقت لم ينصب له عليه دليلا يوصله إلى العلم به، ونهاه عن تأخيرها عنه، ولا يجوز أن يتعبده الله بعبادة في وقت مجهول، كما لا يحوز أن يتعبده بعبادة مجهولة، فإذا بطل هذان القسمان، صح ما ذهبنا إليه، وهو كونه على الفور.
ولا يلزم عليه تكليف الوصية عند الموت للأقربين3، وإن كان وقت الموت مجهولا؛ لأن الموت عليه أمارة وعلامة، تتعلق الوصية بحضوره فلا4 يكون تعليقًا له بوقت مجهول لا دلالة عليه؛ ولأن الوصية يمكن
__________
1 هذا الدليل منقول من كتاب الفصول في أصول الفقه، للجصاص، الورقة "98/ أ" مع اختلاف بسيط، والعبارة فيه هكذا: "خرج من حَيِّزِ الوجوب، وصار في حيز النوافل".
2 بقية الدليل في الفصول هي: "ولما ثبت وجوب الأمر بطل هذا القول".
3 أصل التكليف بالوصية قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوف} الآية.
فذهب بعض العلماء إلى وجوبها مستدلين بالآية.
كما ذهب آخرون إلى أنها مندوبة مستدلين بالآية أيضًا.
والقائلون بوجوبها اختلفوا هل نسخ هذا الحكم أو لا؟.
والقائلون بالنسخ اختلفوا هل كلها منسوخة أو منسوخة في حق من يرث؟
وإذا كانت منسوخة، فما هو الناسخ؟ هل هو آيات المواريث، أو حديث:
"لا وصية لوارث"؟ قولان.
راجع في هذا: أحكام القرآن للجصاص "1/ 102- 107".
4 في الأصل: "فلا لا"، و"لا" الثانية مكررة، لا معنى لها، ولذلك حذفناها.

الصفحة 284