كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

مستدبرها، متطهرًا أو محدثًا، كان مطيعًا، ولذلك لما لم يكن فيه ذكر المكان، ففي أي مكان فعله كان ممتثلا، كذلك الوقت.
والجواب: أن الأمر استدعاء على صفة هي الفور، إلا أنه لم يكن منطوقًا فإنه مقدر1 فيه لا من طريق المعنى، كما اقتضى وجوب اعتقاد على صفة هي الفور، وكما اقتضى النهي الكفَّ على صفة هي الفور، وكذلك الجزاء والثمن في المبيع، وليس إذا لم يكن ذكر الحال والمكان مقدرًا معينًا يجب أن يكون في الزمان مقدرًا، كما قلنا في الاعتقاد والنهي والجزاء والأثمان في البياعات.
واحتج: بأن الطاعة والمعصية في الأمر بمنزلة البر والحنث في القسم، ثم ثبت أنه إذا قال: والله لأفعلن كذا، أنه لا يختص بوقت، ولكنه في أي وقت فعله كان بارًّا في يمينه، كذلك يجب أن يكون مطيعًا في الأمر.
والجواب: أن اليمين لا توجب على الحالف شيئًا لم يكن واجبًا عليه، وإنما هو مخبر بين الوفاء والكفارة، وبين الامتناع والكفارة، وليس كذلك ههنا؛ لأن هذا لفظ إيجاب، فنظيره النذر، وهو: أن ينذر صلاة ركعتين، أو صيام يوم ونحو ذلك، ولا يمتنع أن يقول: يجب على الفور، كما يقول في مسألتنا، على أن خلافنا في مقتضى الأمر في اللغة، والشرع قد غَيَّر النذر عن مقتضى اللغة، ولهذا لو نذر عتق عبد، لم يجزئه2 إلا مسلمًا، وإن كان مقتضاه في اللغة يعم الجميع، وكذلك لو نذر صلاة أو صيامًا، اقتضى خلاف موجبه في اللغة.
واحتج: بأنه لو كان الأمر يفيد الفور لما حسن الاستفهام.
والجواب: أنه إذا كان الآمر ممن لا يضع الشيء في [غير] موضعه، لم يحسن منه الاستفهام.
__________
1 في الأصل: "مقدم".
2 في الأصل: "لم يجزه".

الصفحة 288