كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

واحتج: بأنه لو خصه بوقت متأخر، وحب تأخيره [33/ أ] كما إذا خصه بوقت متقدم وجب تقديمه، فإذا لم يكن الوقت مذكورًا، فليس هو بالتعجيل أولى منه بالتأخير.
والجواب: أنه ليس من حيث لو خصه بزمان متأخر وجب تأخيره، ما دل على أنه إذا أطلق لا يقتضي التعجيل ألا ترى أن الجزاء إذا شرط تأخره عن الشرط تأخر، وإذا أطلق لزم ذلك عقيب الشرط، وكذلك الأبدال في العقود إذا شرط فهيا التأجيل تأجل، ثم لا يدل ذلك على أنه إذا أطلق لم يكن البدل عقيب العقد، كذلك ههنا.
واحتج: بأن الأمر بالفعل يتضمن إيقاعه في مكان وزمان، ثم ثبت أنه لا يختص بمكان بعينه، كذلك لا يختص بزمان بعينه، وعندكم يختص بزمان بعينه، وهو عقيب الأمر.
والجواب: أن النهي لا يختص بمكان، ويختص بزمان، وهو عقيب النهي، وعلى أنه لا يمتنع أن يقال: يختص بالمكان الذي أمر بالفعل فيه؛ لأنه على الفور.
فصل: والدلالة على فساد قول من قال بالوقف:
أنا نقول لهذا القائل: ما تقول في قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} 1، هل يجب أن يتوقفوا ويطلبوا صفات البقرة من الرسول عليه السلام؟!.
فإن قال: لا يجب، فقد سلم المسألة، فإنه لا فرق بين البقرة، وبين سائر الأفعال؛ لأن البقرة لا تخلو من صفة ولون، كما أن الفعل لا يخلو من
__________
1 "67" سورة البقرة.

الصفحة 289