كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

ولأنه حق واجب؛ فلم يسقط بمضي الوقت. دليله الدَّين المؤجَّل وهو: إذا باع بثمن مؤجل إلى شهر، ثم انقضى الشهر؛ فإن الحق لا يسقط، كذلك ههنا.
فإن قيل: الأجل المضروب لتأخير المطالبة به والدين1 في ذمته؛ فإذا وجب الأداء فلم يفعل، زال الوقت وصار كالعقد المطلق من غير أجل، فلزمه قضاء ما فات أداؤه في وقته، وليس كذلك إذا أمر الله تعالى بأمر في وقت محدد؛ لأن الوجوب ما لزمه إلا في الوقت الذي تناوله الأمر.
قيل: وكذلك المطالبة بالدين ما لزم إلا عند انقضاء الشهر، ثم تأخيرها عن آخر الشهر لا يوجب إسقاطها، كذلك تأخير العبادة عن وقتها.
فإن قيل: إنما لم يسقط الحق؛ لأن وقت المطالبة موسَّع.
قيل: وقت الأداء في ذمة من عليه الحق مضيق؛ لأنه إذا لم يؤجل الأجل وجب الأداء على الفور، كما أن وجوب العبادة عليه على الفور إذا وقَّتها، ثم ثبت أن تأخر الأداء لا يسقط، كذلك العبادة.
وأيضًا فإن الوقت شرط من شرائط العبادة؛ ففقدانه لا يوجب إسقاطها.
__________
1 في الأصل: "والذي".
دليله:
الطهارة والستارة والتوجه والقراءة وغير ذلك من الشرائط؛ ولأن الوقت ليس بمقصود، وإنما المقصود نفس العبادة بدليل أنه لا فائدة في إثبات وقت خالٍ1 عن عبادة، وقد ثبتت العبادة في ذمته من غير قت وهو أنه يؤمر بعبادة مطلقة؛ فلم يكن فواته موجبًا للإسقاط.
__________
1 في الأصل: "خالي".

الصفحة 295