كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

واحد من المشاقة، واتباع غير سبيل المؤمنين.
ويدل عليه أيضًا: قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ، قَالُوا لَمْ نَكُ 1 مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ، وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} 2، وهذا يدل على [44/ب] أنهم دخلوا النار لتركهم إطعام المسكين وتركهم الصلاة.
فإن قيل: المراد به أنا لم نكن من المعتقدين بالصلاة ولا مقرين بها.
قيل: قد أجبنا عن هذا، وقلنا: حقيقة التوعد على ترك الفعل للصلاة والإطعام.
فإن قيل: هذا حكاية عن قول أهل النار؛ فلا حجة فيه.
قيل: إنما حكى ذلك عنهم ردعًا وزجرًا لغيرهم، ولو لم يكن فيه حجة؛ لم يصح الردع والزجر؛ ولأنه لو يكن صحيحًا؛ لوجب أن يعقبه بذم ونكير، كما قال تعالى: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} 3.
ويدل عليه أيضًا قوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} إلى قوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ} 4، وهذا يدل على أن الكفار مأمورون بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وسائر العبادات.
__________
1 في الأصل: "نكن" بإثبات النون فيهما، وهو خطأ؛ فلم أجد أحدًا من القراء، قرأ بإثبات النون. فلعل ذلك من صنع الناسخ.
2 "42-46" سورة المدثر.
3 "120" سورة النساء.
4 "1-5" سورة البينة.

الصفحة 362