كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

حنبل يقول: العقل في الرأس، أما سمعت إلى قولهم: وافر الدماغ والعقل.
واحتج هذا القائل: بأن الرأس إذا ضرب زال العقل؛ ولأن الناس يقولون: "فلان خفيف الرأس، وخفيف الدماغ"، ويريدون به العقل.
وهذا غير صحيح؛ لقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} 1 وأراد به العقل، فدل على أن القلب محله؛ لأن العرب تسمي الشيء باسم الشيء إذا كان مجاورًا له، أو كان بسبب منه.
واحتج أبو الحسن التميمي بقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} 2 وقال تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} 3.
واحتج أيضًا بما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث المدائني4، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "والكبد رحمة، والقلب ملك، والقلب مسكن العقل"5.
__________
1 "37" سورة ق.
2 "46" سورة الحج.
3 "179" سورة الأعراف.
4 هو علي بن محمد أبو الحسن المدائني الأخباري. قال فيه ابن عدي: ليس بالقوي في الحديث. وثَّقَه ابن معين فيما نقل أحمد بن أبي خيثمة. روى عن جعفر بن هلال. وعنه الزبير بن بكَّار وأحمد بن زهير وغيرهما. ولد بالبصرة سنة: 135هـ، ومات ببغداد سنة: 228هـ. على الراجح.
له ترجمة في: تاريخ بغداد "12/ 54"، وميزان الاعتدال "3/ 153"، وشيخ الإخباريين أبو الحسن المدائني للدكتور بدري محمد فهد "ص: 16" وما بعدها، والكتاب كله دراسة عنه.
5 هذا الحديث ذكره السيوطي في اللآلئ المصنوعة "1/ 95" بأطول مما هنا، غير أنه لم يذكر قوله: "والقلب مسكن العقل"، وهو حديث موضوع؛ لأن فيه عطية ضعيف وكان يدلس عن الكلبي بأبي سعيد، فيظن الخدري، راجع "المجروحين" "2/ 176" لابن حبان. ثم عقب عليه السيوطي بعد ذلك، غير أنني لم أجد المدائني في السند.

الصفحة 90