كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصيام (اسم الجزء: 1)

يعلم عددها, أو نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها, أو أصاب ثوبه نجاسة جهل محلها؛ فإنه يلزمه فعل ما يتيقن به براءة [ذمته] , كذلك ها هنا.
ولأنه إغمام في أحد طرفي الشهر فأخذ فيه بالاحتياط كالطرف الثاني.
والذي يدل على الأخذ بالاحتياط في أول الشهر قبول خبر الواحد فيه مع أنه لا يقبل في سائر الشهور إلا بشهادة اثنين, فلولا رعاية الاحتياط فيه لقيس على سائر الشهور.
فإن قيل: في هذه الأصول المقيس عليها قد تيقن الوجوب, ولا تيقن البراءة من الواجب إلا بفعل الجميع, وهنا يشك في وجوب صوم ذلك اليوم, والأصل عدم وجوبه, والأصل بقاء شهر شعبان, فيجب العمل باستصحاب الحال؛ كما لو شك في مقدار الزمان الذي فوت صلاته, مثل أن يقول: لم أصلِّ منذ بلغت, ولا أدري هل بلغت من سنة أو سنتين, أو شك في طريان النجاسة على الثوب, وكما لو شك في طلوع الفجر؛ فإنه يجوز له الأكل حتى يتيقن طلوعه, وكما يستصحب الحال مع الصحو.
قيل: وقد تيقن وجوب صوم الشهر بكماله, وشك في هذا [اليوم] هل هو من الشهر أم لا؟ مع أن الأغلب أنه منه, وليس معه قرينة تنفي كونه منه.
وأما كون الأصل بقاء شعبان؛ فقد عارضه كون الغالب طلوع الهلال في هذه الليلة, وأن هذا الأصل متيقن الزوال, وإنما التردد في وقت زواله.
ثم الفرق بين هذا وبين الأكل والوقوف مع الشك في طلوع الفجر: أنه قد وجد منه الإِمساك هنا والوقوف, فلم تسقط العبادة بالبناء على الأصل, وهنا البناء

الصفحة 117