كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصيام (اسم الجزء: 1)

رواية الأثرم, وفرق بينه وبين المغمى عليه, وعليها أصحابنا, حتى من أوجبه على الصبي, وروي عن حنبل أنه يقضيه إذا أفاق كالحائض.
والقضاء هنا أوجه من قضاء الصلاة؛ لأن ما أسقط أداء الصلاة في الغالب فإنه يسقط قضاءها؛ بخلاف الصوم؛ فإنه يقضى مع الحيض والسفر والمرض وغير ذلك, وإن لم يجب الأداء مع هذه الأسباب, ولأن إيجاب القضاء عليه لا مشقة فيه هنا بخلاف إيجاب قضاء الصلاة, ولأن الصوم قد لا يتكرر مثله في حال الإِفاقة فيفضي إلى تركه بالكلية بخلاف الصلاة, وذلك لأنه زوال عقل, فلم يمنع وجوب القضاء كالإِغماء والسُّكر.
فعلى هذه الرواية يجب عليه القضاء, سواء كان الجنون طارئاَ عليه بعد البلوغ أو مستداماً من حين البلوغ, وسواء استغرق الشهر أو بعضه؛ فأما إن توالت عليه رمضانات في حال الجنون؛ فعلى ما ذكره القاضي إنما يقضي الرمضان الذي أفاق بعده؛ فأما ما قبل ذلك الرمضان؛ فلا يقضيه؛ لأن أحسن أحواله أن يكون كالحائض, والحائض لا بد أن يتخلل بين الرمضانين زمن لقضائها, وكلام غيره يصام, وهو ظاهر كلامه في هذه الرواية؛ لأنه عذر توالى في عدة رمضانات, فلم يسقط القضاء كالمرض والسفر.
32 - ووجه الأول أن قوله: «رفع القلم عن المجنون حتى يفيق»:

الصفحة 43