كتاب شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الصيام (اسم الجزء: 1)

فإن لم يكن هناك مانع؛ لم يجز صومه من رمضان, ومنه يوم الشك المنهي عن صومه؛ كما سيأتي إن شاء الله.
وإن كان هناك حائل يمنع من رؤيته, وهو أن يكون دون مطلعه ومنظره سحاب أو قتر؛ يجوز أن يكون الهلال تحته قد حال دون رؤيته؛ فالمشهور عن أبي عبد الله رحمه الله: أنه يصام من رمضان, ويجزئ إذا تبين أنه من رمضان, ولا يجب قضاؤه. نقله عنه الجماعة, منهم ابناه والمرُّوذي والأثرم وأبو داوود ومهنى والفضل بن زياد.
وهل يقال: يجوز على هذا أن يُسمى يوم شك فيه, فيه روايتان:
إحداهما: يسمى يوم شك, نقلها المروذي؛ فعلى هذا يرجح جانب التعبد.
والثانية: لا يُسمى يوم شك, بل هو يوم من رمضان من طريق الحكم, وهو ظاهر ما نقله مهنى, وهو قول الخلال والأكثرين من أصحابنا.
فعلى هذا لا يتوجه النهي عن صوم يوم الشك إليه إذا قلنا: هو من رمضان, وعليه جماهير أصحابنا.
وروى عنه حنبل: إذا حال دون منظر الهلال حائل؛ أصبح الناس متلوِّمين ما يكون بعد, وإذا لم يحل دون منظره شيء؛ أصبح الناس مفطرين, فإن جاءهم خبر؛ كان عليهم يوم مكانه, ولا كفارة.
فعلى هذا لا يصام من رمضان, وهذا اختيار طائفة من أصحابنا, منهم ابن عقيل والحلواني وأبو القاسم وابن منده؛ فعلى هذه الرواية يستحب له أن يصبح ممسكاً متلوماً, وإن لم يحل دونه شيء؛ أصبح مفطراً.
وروى عنه حنبل في موضع آخر وقد سئل عن صوم يوم الشك, فقال:

الصفحة 77