كتاب البيان «مقدمة وخاتمة» لكتاب كشف الشبهات

أحدهما: الكفر بكل معبود أو مألوه بالحب والتعظيم له، أو الخضوع لأمره وقبول حكمه سوى الله تعالى كائنا من كان بأي حجة ادعى، ولأي مصلحة تزعم وتصدى، فمن ركن إلى أي أحد من أولئك فقد ناقض هذه الكلمة العظيمة وكان خائنا لما عاهد الله عليه من مدلولها.
ثانيهما: إفراد الله بجميع أنواع العبادة والاستسلام لحكمه في كل شيء.
وحقيقة العبادة إخلاص الحب لله مع خضوع القلب، وانقياد الجوارح بدافع الحب والتعظيم.
وحقيقة الحب هي عين موافقة الله، ومحبة ما يحبه، والمسارعة فيما يرضيه، وبغض ما يكرهه واجتنابه، ومحبة أوليائه وأهل طاعته وموالاتهم ومساندتهم حيثما كانوا ومن أي جنس كانوا.
وبغض أعدائه وأهل معصيته والمخالفين لحكمه النابذين لكتابه ومعاداتهم ولو كانوا أقرب قريب.
وأن لا يؤثر محبة أي شيء على حب الله وما يحبه الله أبدا، ولا تحصل موافقته على ما يحبه ويرضاه إلا باتباع أوامره واجتناب نواهيه وحفظ حدوده في ذلك، ولا يحصل هذا إلا باتباع شريعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
فالمحب لله الصادق معه المخلص له هو الذي يكون اتجاهه اتجاها واحدا للواحد الأحد في طريق واحد بجميع أموره وظروفه، وما عداه ليس محبا لله ولرسوله، مهما ادعى.
إذ من أمحل المحال عقلا وشرعا حصول المحبة أو قبول دعواها ممن يخالف ما يحبه محبوبه، ويسارع إلى ما يكرهه ويسخطه، أو يحب أعداءه ويواليهم ويساندهم ويبغض أهل طاعته ويعاديهم وينابذهم ويقف في صف أعدائهم.

الصفحة 11