كتاب البيان «مقدمة وخاتمة» لكتاب كشف الشبهات

العالية، ويكفيك أنهم منحوا لقب القداسة للنصراني الملحد الذي قال أشنع مقالة وأقبحها، جعل فيها المبدأ والوطن ندا من دون الله بكل صراحة ووقاحة إذ قال:
بلادك قدمها على كل ملة ... ومن أجلها أفطر ومن أجلها صم
(إلخ) مما هو استدراك على الله ورسوله بزعمهم حصول الوحدة وطلبها في غير دين الله، وهذا مشاقة لله ومحادة له وتبديل لكلماته واستهانة بعزته وملكوته إذ يقول {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}.
وقد أجلبوا على أبناء المسلمين بسائر أنواع التضليل والافتراء على الله وتحبيب موالاة أعدائه بحجة الجنس والوطن، وتعطيل شريعته بحجة التطوير الفاسد، وعبادة كل طاغوت في سبيل ذلك كقولهم (الدين لله والوطن للجميع) فهل انقادوا لله وحكموا الوطن على أساس دينه الصحيح وشريعته أو اطرحوا الدين الذي يلوكونه في هذه الكلمة وخططوا مناهجهم الوطنية على أساس المادة والكفر بالله.
وما أكثر ما يموهون به على الرعاع والأوغاد بقولهم (الدين علاقة بين العبد وربه فقط لا شأن له في الحياة) فما الفائدة من إرسال الله الرسل وإنزاله الكتب وشرعية الجهاد والأمر والنهي، إذا كان الدين لا شأن له في الحياة؟ ولأي شيء يزخر القرآن بذكر الأحكام السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأحوال الشخصية وأحكام السلم والحرب بحيث لم يفرط في شيء من أمور الدنيا مع الوحي الثاني الذي هو السنة -أهذا ليعمل به أو يطرح ويتخذ هزوا ولعبا؟

الصفحة 13