كتاب البيان «مقدمة وخاتمة» لكتاب كشف الشبهات

يا عجبا هل يرضي أحد من الزعماء الذين تبنوا هذه الفكرة أن يقتصر رعاياه وموظفوه في علاقتهم به على مجرد ذكر اسمه ومدحه وتعليق صورته دون التقيد بأوامره ونظمه، بل يجلبوا نظما من غيره حسب أهوائهم فهل يعتبرهم مخلصين ويرضى عنهم.
أو يعتبرهم خونة وينزل بهم العقوبات.
تالله لقد جعلوا لأنفسهم منزلة فوق الله وأغرقوا في الضلال.
بل زادوا افتراءا على الله بقولهم (إرادة الشعب من إرادة الله) وهذا قول فاحش لم يجروء عليه أبو جهل وقومه مع خبثهم وعنادهم، بل ولا إبليس رئيس الكفر والشر؛ لأنه بهتان معروف قبحه وفساده ببداهة العقول.
ذلك أن أذواق الشعوب ونزعاتها تختلف، فإذا جعلت إرادة الشعب من إرادة الله صارت نزعات الوجودية والشيوعية الإباحية، بل ونزعات الصهيونية من إرادة الله التي يرضاها لعباده، وصارت جميع الأعمال الوحشية التي يرتكبها بعض الشعوب، وما يعشقه مرضى القلوب من التفسخ والانحلال، ودغدغة الغرائز وإشباع الشهوات من إرادة الله التي يرضاها ويأمر بها، فعلام ينتقدوا على غيرهم ويصيحوا عليه إذا اختار لنفسه نوعا من الحكم ويسمحوا لأنفسهم بغزوه وقصفه وترويعه؟ {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.
تالله لقد زادوا في الشرك والضلال والفتنة والإغراء على قول من قال {سَأُنْزلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللهُ} لأنهم زعموا أن ما أنزل الله مدعاة للتخلف ووصفوه بالرجعية والألقاب الذميمة تنفيرا

الصفحة 14