كتاب موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين

لنمو معلوماته وازدياد معارفه.
وقد وجدت في كلام الإمام البخاري ما يشهد لهذا، فقد قال في "التاريخ الكبير": (عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي الأخنس حجازي عن سعيد المقبري..) (¬1) فلم يثبت في كتابه "التاريخ الكبير" السماع لعثمان بن محمد بن الأخنس من سعيد المقبري، ولكنه بين في محل آخر أن رأيه تغير، فقد حكم على حديث يرويه عثمان بن محمد الأخنس عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً بقوله: (هو حديث حسن ... وعثمان بن محمد الأخنس ثقة، وكنت أظن أن عثمان لم يسمع من سعيد المقبري) (¬2) .
فيكون الغالب فيمن قال البخاري في ترجمته: "روى عن فلان" أو "عن فلان" أنه لم يثبت في ذلك الشيخ، وقد يوجد التصريح بالسماع في بعض ذلك، فالحكم في هذا على الأغلب وليس مطرداً.
وقبل أن أنهى هذا المبحث أود أن أنبه على الملاحظتين هامتين لهما علاقة بأهم كتب البخاري في علم الرجال وهو كتاب "التاريخ الكبير".
الملاحظة الأولى: في تراجم قليلة ينص البخاري على أن صاحب الترجمة قد سمع ممن يروي عنه ولكن يذكر في أثناء الترجمة ما يدل على أن صاحبها لم يسمع من ذلك الشيخ الذي نص على أنه سمع منه.
ومن ذلك ما جاء في هذه الترجمة: _ (زياد بن ميمون، ابو عمارة البصري الثقفي، صاحب الفاكهة، سمع أنساً، تركوه، قال علي بن نصر أخبرنا بشر بن عمر: سألت زياد بن ميمون أبا عمارة عن حديث رواه أنس قال: وبحكم احسبوا كنت يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً، قد رجعت عما كنت أحدث به عن أنس، "لم أسمع من أنس شيئاً" (¬3) .
فأثبت - البخاري - سماعه من أنس في صدر الترجمة ثم ساق ما يدل على أنه كذاب وأنه لم يسمع من أنس أي شيء، وقد قال أبو داود الطيالسي:
¬_________
(¬1) التاريخ الكبير (6/249) .
(¬2) العلل الكبير للترمذي (1/437) .
(¬3) التاريخ الكبير (3/371) .

الصفحة 102